الاثنين 22 مايو 2023 | 01:11 م

«شرايين العالم» في خطر.. مخاوف غربية من استهداف كابلات الإنترنت البحرية

شارك الان

في مارس من العام الماضي، خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن، محذرًا من محاولات استهداف روسية لكابلات الإنترنت البحرية، واستهداف البنى التحتية للدول الغربية، مؤكدًا أن هناك معلومات استخباراتية بوجود خطر روسي محتمل وأن روسيا تدرس مختلف الفرضيات لشن هجوم سيبراني.

وفي مطلع شهر أبريل الماضي، حذر حلف الناتو في بيان له، من محاولات روسية لاستهداف كابلات الإنترنت البحرية، على غرار استهداف خطوط الأنابيب، مطالبًا بتشكيل تحالف لحماية هذه الكابلات من أي خطر روسي محتمل.

وعلى الرغم من عدم وجود استهداف حقيقي لأي كابلات بحرية، واستبعاد خبراء أمن المعلومات وقوع مثل تلك الحوادث، إلا أن التخوفات الغربية في ازدياد، وذلك بعد استهداف خط نورد ستريم مؤخرًا، وتويجه أصابع الاتهام إلى دول بعينها، وهو الأمر الذي دفع إلى الحديث حول تأمين كابلات الإنترنت البحرية.

خبير تكنولوجي: آثار كارثية

وفي هذا السياق، قال الخبير التكنولوجي، المهندس حمدي الليثي، إن جزء كبير من المعلومات في العالم يتم تداولها عبر كابلات الإنترنت البحرية، مستبعدًا فكرة قيام دولة ما بمحاولة استهداف هذه الكابلات البحرية، لأن هذا معناه إعلان حرب على هذه الدولة.

وأكد الليثي في تصريحات خاصة لـ"مصر الآن"، أن أي عمل أو تخريب للكابلات هو عمل ضد الإنسانية، وضد حقوق الإنسان، لافتًا إلى أن القوانين الدولية تمنع ذلك، كما تنص على تصدي الدول والوقوف أمام أي تعدٍ من أي شخص أو دولة تهدف إلى ذلك.

وأضاف، أن التأثيرات المتوقعة جراء أي تخريب في هذه الكابلات ستكون تأثيرات كارثية على الاقتصاد العالمي بأكمله، وتشمل تأثيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية، مشيرًا إلى أن حياة البشر اصبحت كلها متعلقة بالعمل الرقمي والإلكتروني والتحكم في الأجهزة والشبكات والكهرباء وكل ما يمس حياة المواطنين، لذا فأي تهديد أو استهداف للكابلات البحرية، هو مساس بحياة المواطنين وأمنهم.

وشدد الخبير التكنولوجي، على أن أي عمل تخريبي لكابلات الإنترنت البحرية، هو عمل عدائي تجاه دول عدة، خاصة أن هذه الكابلات هي تجمعات دولية من خلال مجموعة من الشركات التي ساهمت في تنفيذها، من أجل تيسير العديد من الأمور اليومية للحياة.

وأوضح، أن التأثيرات لن تطال دولة بعينها، لكنها تطول كل الدول بلا استثناء، خاصة أن كل دول العالم تتلقى أخبارها وتقوم بمعاملاتها عبر الإنترنت، وكذلك سيطول التأثير الشرق الأوسط، إذا ما تم استهداف كابلات البحر المتوسط على سبيل المثال، مطالبًا بضرورة الهدوء والاتزان فيما يخص حياة البشر وأمنهم من أجل تلافي الآثار المتوقعة.

430 كابل تربط العالم

بحسب دراسة نشرتها مجلة "كونتمبريري سيكوريتي بوليسي" عام 2021، فإن عدد كابلات الإنترنت البحرية حوالي 430 كابل مسئول عن نقل البيانات إلى جميع دول العالم، وحسب شركة NetApp الأميركية، فإن كابلات الألياف الضوئية تمتد لمسافة 997 ألف كيلومتر تقريبا تحت البحر، وهي مسافة تكفي للدوران حول الأرض لـ25 مرة، وأنه في حالة وجود عطل بالكابلات ليوم واحد فقط، سيصبح هناك حوالي 1.7 مليار هاتف محمول بدون قيمة بسبب اعتماد الهواتف على الإنترنت، وكذلك سيؤدي إلى خسارة قطاع التجارة الإلكترونية فقط حوالي 2 مليار دولار.

ووفقًا للتحليلات التى أجرتها اللجنة الدولية لحماية كابلات الإنترنت فى الفترة من 2007 إلى 2014، فإن جميع الأخطاء التى حدثت بها لم تنتج نهائيًا عن أسماك القرش، إلا إنها كانت ناتجة فى الواقع عن أنشطة رسو السفن والصيد من قبل البشر، والتى تؤثر بحوالى 3/4 هذه الأخطاء، وك1لك ما يقرب من 100% من حركة  الاتصالات الإلكترونية العابرة للقارات فى العالم تجرى عبر الكابلات البحرية، وبدونها لن يكون هناك إنترنت في أغلب دول العالم.

محمد حسام: تخوفات غير منطقية

من جانبه، أكد محمد حسام، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن استهداف كابلات الإنترنت البحرية من قبل أي دولة هي كارثة بكل المقاييس، مشيرًا إلى أن التعدي على أي كابلات تابعة لدولة ما هو تعدٍ على حدود هذه الدولة.

وأضاف حسام في تصريحات خاصة، أن مصر على سبيل المثال يمر بها من 20 إلى 25 % من إجمالي كابلات الإنترنت، وفي حالة وجود أي أعمال تخريبية فإن الأمر له أبعاد كارثية، منها توقف حركة تبادل المعلومات بشكل تام، لحين عودتها، وذلك يؤثر بالطبع على الاقتصاد ككل فوقوع مثل هذه الحوادث لا يخلق أي بيئة عمل آمنة.

واستبعد خبير تكنولوجيا المعلومات، قيام أي دولة اللجوء لمثل هذه الأعمال التخريبية، لأن عواقبها وخيمة على الجميع، وستؤثر على الاقتصاد العالمي، وحرية تبادل المعلومات، والأمن القومي المعلوماتي للدول، وتأثيرها يطال الجميع بلا استثناء، ويؤدي إلى تعطيل أعمال واقتصاد دول كاملة، وتوقف كم هائل من البيانات يمر عبر العالم كله.

وعن تأمين الكابلات البحرية، أكد محمد حسام، أن قضية تأمين كابلات الإنترنت البحرية قضية معقدة، وتتولى مسئوليتها شركات كبرى تقوم بدرويات مستمرة من أجل تأمين هذه الكابلات، والتأكد من عدم تضررها أو استهدافها.

وتابع، أن عملية نقل البيانات في هذه الكابلات عملية متشابكة، فالبيانات تمر عبر كابلات مختلفة وليس عبر كابل واحد، لأنه إذا حدث عطل في هذا الكابل سيؤدي إلى التأثير على عملية نقل البيانات بشكل كامل، وبالتالي فهناك خطوط بديلة ومصادر مختلفة لتبادل البيانات، من أجل الحفاظ على مرور البيانات المختلفة، وعدم تأثر البنية التحتية للدول، لافتًا إلى أن عملية التجسس عبر هذه الكابلات أيضًا أمر ليس بالهين ومعقد بشكل كبير، وهو ما يوضح مدى عدم قابلية هذه السيناريوهات إلى التنفيذ، وأن الحديث عن هذه الأعمال غير منطقي بالمرة.

مجلة أمريكية: مبالغة في تحديد الآثار

مجلة "Wired" الأمريكية نشرت تقريرًا في 2018، حول توقعاتها لما يمكن أن يحدث لو قررت روسيا مهاجمة كابلات الإنترنت في قاع المحيطات، وأوضحت أن هناك مبالغة في تحديد آثار استهداف كابلات الإنترنت.

وقال التقرير، إنه كل بضع أيام يتم يصاب كابل من هذه الكابلات بالعطل، وفي معظم الحالات يكون السبب هو الزلازل أو السفن ومراسيها، ويتم إعادة توجيه البيانات تلقائيا إلى خط آخر، مضيفة أنه في حالة قيام الغواصات الروسية بقطع العديد من الكابلات في المحيط الأطلسي، فهذا لن يؤثر بشكل خطير على عمل الإنترنت، حتى لو تمكنت من قطع جميع الأسلاك في المحيط، سيكون من الممكن إعادة توجيه حركة الإنترنت من خلال الكابلات في المحيط الهادئ.